من هيلزبره وبورسعيد حتى كانجوروهان.. الدماء لا تزال تسيل على المستطيل الأخضر!!
أحيانا تتحول كرة القدم من أداة للمتعة والتشويق والإثارة، إلى آلة قاتلة مميتة، مرة بسبب التنافس الشديد، ومرات عديدة بسبب التعصب الأعمى، وأحيانا كثيرة بسبب أشياء بعيدة كل البعد عن كرة القدم وأهلها.
والتاريخ الطويل للعبة اثبت أنها في بعض الأوقات تكون عكس الفكرة التي بنيت عليها، وهي تجميع الشعوب لتتحول إلى تفريق الأهل والأحباب.
كارثة جديدة من كوارث الساحرة المستديرة أضحى العالم عليها، هذه المرة جاءت الكارثة من جنوب شرق آسيا، وتحديدا من إندونيسيا، ودون سابق إنذار خاصة وأن إندونيسيا ليست من الدول المعروف عنا التعصب في كرة القدم، ولم تكن هناك أي بوادر لحدوث أي أزمة قبل المباراة، ولكن تأتي رياح كرة القدم بما لا تشتهيه السفن، وتكتب اللعبة فصول كارثة جديدة من كوارثها خلفت واراءها 174 قتيلا.
وفي مباراة أقيمت ضمن منافسات الدوري الإندونيسي بين أريما وبيرسيبايا سورابايا السبت لقى 174 مشجعا مصرعهم إلى جانب إصابة 180 آخرين.
التي أقيمت على ملعب كانجوروهان في مدينة مالانج ولكن فوز بيرسيبايا سورابايا على مضيفه أريما 3-2، لأول مرة منذ 20 عاماً، أسهم في اندلاع أحداث شغب من جمهور الفريقين وسقوط عدد كبير من الضحايا.
واعتراضا على النتيجة اقتحم مشجعو الفريق الخاسر أرض الملعب، واندلعت مشاجرات بين الجماهير لتقوم قوات الأمن بإطلاق الغاز المسيل للدموع واستخدمت الهراوات لتفريق المقتحمين، ما تسبب في التدافع وحالات اختناق، بحسب ما أفادت الشرطة، بعدها تقوم السلطات الإندونيسية قراراً فورياً بإيقاف الدوري المحلي لمدة أسبوع بشكل مبدئي.
«هيلزبره».. بداية الكوارث الكبرى
لم تكن هذه الكارثة هي الأولى في عالم كرة القدم، وإن كانت قد تكون الأسوأ، ففي أبريل عام 1989 وكان عشاق اللعبة الشعبية الأولى في العالم على موعد مع مباراة ليفربول ضد نوتنجهام فورست في نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي والتي تقرر إقامتها على ملعب شيفيلد وينزداى «هيلزبره».
وفي أواخر السبعينات والثمانينات كانت المنافسة شرسة بين ليفربول ونظيره نوتنجهام فورست على جميع البطولات المحلية وأيضاً الأوروبية.
الفريقان كانا يتمتعان في إنجلترا بشعبية جماهيرية كبيرة جداً، والأمور بينهما وصلت للاشتعال هذا الموسم حيث كانا يتنافسان أيضاً على لقب الدوري الإنجليزي.
تأهل الفريقان إلى نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي كان خبراً سعيداً لعشاق اللعبة في كرة القدم حيث كانت مباراة منتظرة ومرتقبة بين الفريقين خصوصاً لجماهير الفريقين.
ورغم المنافسة الشرسة والاهتمام الجماهيري الكبي، صدم الاتحاد الإنجليزي صدم الجميع باختيار ملعب شيفيلد وينزداى « هيلزبره » لاستضافة المباراة الكبيرة بين ليفربول ونوتنجهام، بالرغم من أنه لا يتسع لأكثر من 35 ألف متفرج فقط!.
وتم تخصيص المدرج الأيمن الصغير لمشجعي ليفربول الذي كان يتسع فقط لاستضافة 16 ألف مشجع، الأمر بالتأكيد الذي لا يناسب جماهير ليفربول الكبيرة، التي صاحبت فريقها إلى الملعب بأعداد مهولة تعدت بكل تأكيد العدد المسموح للمدرج.
ومثله مثل ملاعب إنجلترا في هذا الوقت، كان محاطاً بشكل كامل بسياج حديدي فاصل بين مدرجات الجماهير وأرضية الملعب منعاً للشغب الذي كان يملأ إنجلترا وقتها بسبب ظاهرة الهوليجانز.
غياب الأمن والشرطة أدى إلى دخول جماهير ليفربول في وقت متأخر والتوجه إلى المدرج الأيمن الذي كان قد امتلأ بالفعل بالجماهير الحمراء.
ولم تمر عليها سوى 3 دقائق من المباراة لتشتعل أزمة حقيقية أصبحت في النهاية هى الكارثة الأسوأ في تاريخ بريطانيا وكرة القدم كلها.
الجماهير بدأت تتدافع بسبب الضغط الكبير في مشهد مأسوي راح ضحيته 96 مشجع وأصيب أكثر من 770 شخصاً.
كارثة بور سعيد الأكثر تأثيرا
وفي فبراير 2012 كان العالم على موعد مع كارثة جديدة من كوارث كرة القدم، وهذه المرة كانت المحطة في مصر، التي شهدت واحدة من أبرز كوارث كرة القدم وهي المعروفة بكارثة إستاد بورسعيد، عندما أثارت الجماهير شغباً في نهاية مباراة بين المصري والأهلي في مدينة بورسعيد، وقُتل على إثرها ما لا يقل عن 74 شخصاً وأصيب أكثر من 1000، وتم إيقاف الدوري المصري لمدة عامين.
وعقب عودة الدوري بعد فترة توقف الدوري بسبب كارثة بورسعيد، تكرر المشهد مرة أخرى في مباراة الزمالك وإنبي في الدوري المحلي بمقتل 22 مشجعاً زملكاويا أمام بوابات إستاد دار الدفاع الجوي بالقاهرة في فبراير 2015.
وفي سبتمبر 2001 شهد الدوري الغاني حادثاً مأساوياً داخل أحد ملاعب أكرا عاصمة غانا، حين قٌتل 120 شخصاً، وتعرّض المئات إلى الإصابة، نتيجة أعمال شغب في المباراة التي جمعت هارتس أوف أوك وكوتوكو.
وفي كوت ديفوار قُتل ما لا يقل عن 19 شخصاً خلال تدافع في ملعب فيليكس هوفويت بوانيي بأبيدجان قبل مباراة في تصفيات كأس العالم ضد مالاوي في مارس 2009.
إطلاق نار في أنجولا 2010
وفي بطولة الأمم الإفريقية التي استضافتها أنجولا في العام 2010 شهدت قيام مسلحين بإطلاق النار على حافلة منتخب توجو في كمين نصبوه في منطقة كابيندا، وأدى إلى مقتل المدرب المساعد والمسؤول اعلامي للفريق، الأمر الذي جعل رئيس الوزراء التوجولي جيلبرت هونجبو باتخاذ قرار عودة البعثة الى البلاد وأرسل طائرة لإعادتهمر.
وفي بطولة كأس أمم أفريقيا الأخيرة التي استضافتها الكاميرون في شهر يناير الماضي كان عشاق الساحرة المستديرة على موعد مع كارثة جديدة من كوارثها المأساوية، بعدما لقى ما لا يقل عن ثمانية أشخاص مصرعهم وأصيب 38 آخرون حيث تدافعوا في ملعب ياوندي الأوليمبي قبل مباراة الأسود في دور الـ16 أمام جزر القمر.